في خطوة استراتيجية وصفت بـ"المنعطف التاريخي"، فاجأت شركة "اتصالات المغرب" (Maroc Telecom) الرأي العام والمشهد الاقتصادي بتغيير جذري لهويتها البصرية، متخلية عن لونيها الأزرق والبرتقالي اللذين طبعا ذاكرة المغاربة لأكثر من ربع قرن. هذا التغيير ليس مجرد "تجميل" للواجهة، بل يحمل في طياته دلالات عميقة ورسائل مشفرة حول مستقبل قطاع الاتصالات في المملكة.
نغوص في التفاصيل لنكشف لك الأسباب الخفية والمعلنة وراء هذا "الروبرايندينغ" (Rebranding) الضخم.
مواكبة "المغرب الرقمي 2030" والجيل الخامس (5G)
أعلنت المجموعة بشكل رسمي أن هذا التغيير يأتي استجابة للتحولات التكنولوجية المتسارعة. الشعار الجديد يمثل إشارة انطلاق فعلية نحو عصر الجيل الخامس (5G)، حيث لم يعد الدور مقتصراً على توفير الخطوط الهاتفية، بل تعداه إلى توفير حلول رقمية ذكية وفائقة السرعة.
الشركة أكدت أن الهوية الجديدة تتماشى مع الاستراتيجية الوطنية "المغرب الرقمي 2030"، مما يعكس رغبة المؤسسة في أن تكون قاطرة لهذا التحول الرقمي في البلاد.
دلالات "الأحمر".. أكثر من مجرد لون
الانتقال إلى اللون الأحمر الكامل لم يكن عبثياً، ويحمل رسالتين أساسيتين:
- البعد الوطني: يرمز الأحمر إلى لون العلم الوطني المغربي، في رسالة تؤكد على "مغربية" الشركة وتجذرها في الهوية الوطنية، مع قيم "الحيوية، الدينامية، والشغف".
- البعد الاستراتيجي (مجموعة &e): يرى محللون اقتصاديون أن هذا التغيير يقرب الهوية البصرية للفرع المغربي من الشركة الأم الإماراتية "مجموعة اتصالات" (المعروفة حالياً بـ e&)، التي تعتمد اللون الأحمر كسمة أساسية لعلامتها التجارية العالمية. هذا التوحيد البصري يعزز الانتماء لمجموعة دولية رائدة.
تحليل التصميم: من "التكنولوجيا" إلى "الإنسان"
الشعار الجديد احتفظ بـ"المنحنيات" التاريخية لكنه أعاد صياغتها:
- المنحنى الكبير: يرمز لشبكة تغطي كافة التراب الوطني وتربط المغاربة ببعضهم.
- المنحنى الصغير/النقطة: يرمز إلى "النبض" والجانب الإنساني للتكنولوجيا، في إشارة إلى أن الشركة تريد أن تكون أقرب إلى حياة الناس اليومية لا مجرد مزود تقني جامد.
ياسين بونو.. وجهاً للثقة والطموح
لترسيخ هذه الصورة الجديدة، ضربت "اتصالات المغرب" بقوة عبر التعاقد مع حارس المنتخب الوطني ياسين بونو كسفير للعلامة التجارية. اختيار بونو لم يكن رياضياً فحسب، بل تسويقياً بامتياز؛ فهو يمثل "الجدية، الثقة، والنجاح العالمي"، وهي القيم التي تحاول الشركة إعادة بنائها مع زبائنها، خاصة فئة الشباب، بعد فترات من الجدل حول جودة الخدمات والمقاطعة الرقمية.
الخلاصة: تغيير شعار "اتصالات المغرب" هو إعلان عن نهاية حقبة "الهاتف الثابت وGSM التقليدي" وبداية حقبة "السرعة الفائقة والرقمنة الشاملة". الكرة الآن في ملعب الشركة لتثبت للمغاربة أن التغيير لن يقتصر على الألوان والواجهات، بل سيلمسه المواطن في جودة الخدمات والأسعار.
